اكتشف علماء المناخ البريطانيون أن حرائق الغابات والسهوب في أستراليا عامي 2019-2020 أدت إلى أقوى تسخين لطبقة الستراتوسفير في الثلاثين عاما الماضية.
وقد نشروا نتائج دراستهم بهذا الشأن في مجلة Scientific Reports.
قال الباحثون:”ارتفعت درجات الحرارة العالمية بشكل حاد في يناير 2020 إلى معدلات لم نشهدها منذ أوائل التسعينيات، وكانت مصحوبة بتسخين غير طبيعي لطبقة الستراتوسفير. وأظهر تحليلنا أن الحرائق في جنوب شرق أستراليا كانت مسؤولة عن هذا الاحترار وتسخين الستراتوسفير”.
وبدأت حرائق الغابات واسعة النطاق على الساحل الشرقي لأستراليا في منتصف أكتوبر 2019. وشملت النيران مناطق واسعة في جنوب شرق القارة، فضلا عن عدد من المناطق في جنوب البلاد. ولم يتحسن الوضع إلا بعد هطول الأمطار الغزيرة في العقد الأول من فبراير 2020. وقضت الحرائق على أكثر من 12 مليون هكتار من الغابات وقتلت حوالي 3 مليارات حيوان. وتم وصف تلك الحادثة الطبيعية بأنها كارثة بيئية.
وكشف فريق من علماء المناخ بقيادة، ليلي داماني بيرس، الباحثة في جامعة “إكستر” البريطانية، عن صلة بين حرائق الغابات وحالات الطقس الشاذة التي ضربت العالم في النصف الأول من عام 2020. وحقق العلماء هذا الاكتشاف أثناء حساب العواقب المناخية لما يسمى بـ”الصيف الأسود”، كما أطلق على هذه الكارثة في أستراليا
وقال علماء المناخ، إنه في ديسمبر 2020 ويناير 2021، ظهر الكثير من قطرات رذاذ الكبريت وجزيئات السخام المجهرية وغيرها من المواد الناجمة عن حرائق الغابات والسهوب، والتي يمكن أن تتسبب في تبريد المناخ أو على العكس زيادة تسخين الطبقات العليا والسفلى من الغلاف الجوي للكوكب.
وبناء على هذه الفكرة، أعد العلماء نموذجا حاسوبيا مفصلا ساعدهم في حساب تأثير الحرائق الأسترالية على مناخ القارة والأرض بأكملها. وأخذت هذه الحسابات في الاعتبار كيفية تأثر توزع الهباء الجوي والرماد بالتيارات الجوية، وكذلك بالأعاصير والعواصف الجافة وظواهر جوية أخرى.
كما أظهرت الحسابات التي أجراها العلماء أن الدخان المنبعث من الحرائق الأسترالية صعد إلى ارتفاع 16 كيلومترا، مما سمح لعدد كبير من جزيئات الهباء الجوي والسخام بالتغلغل في طبقة الستراتوسفير. وكان يمكن مقارنة عددها الإجمالي حسب العلماء، بكمية الرماد ومركبات الكبريت التي تدخل الغلاف الجوي أثناء ثوران البراكين الكبيرة.
وقد أدى تغلغل الرماد والهباء الجوي في الستراتوسفير إلى تسخينه السريع والقوي غير القياسي، والذي لم يتم رصده منذ أوائل التسعينيات. ونتيجة لذلك، ارتفعت درجة الحرارة في طبقة الستراتوسفير وفي الأجزاء السفلى من الغلاف الجوي بمقدار 0.7 درجة مئوية، وظلت تلك الزيادة قائمة لمدة 4 أشهر تقريبا. ولخص علماء المناخ هذا الأمر إلى أن حرائق الغابات والسهوب يمكن أن تؤثر إلى حد بعيد على الطقس ومناخ الأرض على المستوى العالمي.