يقدّر مراقبون حجم الخسائر التي تكبّدتها الشركات والبنوك وقطاع الأعمال عموماً في العراق بما بين 40 و50 مليون دولار يومياً، جراء قطع السلطات خدمة الإنترنت في عموم البلاد منذ اندلاع التظاهرات في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، احتجاجاً على تفشي الفساد وتردي الأوضاع المعيشية.
وبذلك تتراوح الخسائر الإجمالية بين 400 و500 مليون دولار خلال العشرة أيام الماضية، وهذه الخسائر مؤهلة للزيادة في حالة استمرار قطع الإنترنت الأيام المقبلة حسب قيادات منظمات مال وأعمال.
وأعلنت وزارة الاتصالات اليوم الجمعة عودة خدمة الانترنت في عموم العراق على مدار الساعة.
وخدمة الإنترنت التي أعادتها أخيراً بغداد بأوقات محددة، ثم سرعان ما قطعتها مجدّداً على خلفية المظاهرات الشعبية الساخطة التي ترافقها أعمال قمع وعنف غير مسبوقة، سبّبت تأخر تسلّم مرتبات نحو 6 ملايين شخص، فضلاً عن حدوث شلل تام في نظام الحوالات والتعاملات البنكية، ومنح الكثير من الشركات والوكالات التجارية لموظفيها إجازة مفتوحة إلى حين عودة الخدمة.
ووفقاً لمسؤول بارز في بغداد، فإن “القطاع الخاص هو الأكثر تضرراً من انقطاع الإنترنت، ومن غير المعلوم ما إذا سيجري تعويضه عن تلك الخسائر أم لا؟”، مبيناً أن “شركات السياحة والهاتف المحمول والتحويل المالي والاستيراد والبنوك وسوق الأسهم، أبرز المتضررين في البلاد”.
وأكد المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، أن “عمليات تحويل مالية بملايين الدولارات تجري يومياً من خلال المصارف وجميعها توقفت، ما يعني تكبد هذه المصارف خسائر جسيمة، هذا فضلاً عن قطاعات أخرى، مثل خطوط النقل الجوي التي تعتمد على الحجز الإلكتروني”.
وفي هذا الشأن يقول محمد الزبيدي، عضو غرفة تجارة بغداد، إن “خسائر القطاع الخاص لا يمكن حسابها حالياً، لكن التقديرات المبدئية تقول إنها تراوح بأي حال بين 40 و50 مليون دولار ككل”، مضيفاً أن الحكومة قانوناً ملزمة بدفع تعويضات لمن تضرر جراء هذا القطع”.
وحسب الزبيدي فإن: “خطوات مثل قطع الإنترنت تخيف الشركات الأجنبية وتعطي لها إشارة بأن الدور الحكومي غير مطمئن، وتعكس أنه غير قادر على اتخاذ القرارات الصحيحة، لأن قطع الإنترنت لأيام عمداً من أجل السيطرة على محتجين، يُفسَّر بأن من يديرون البلد لا يقدّرون أهميته في عالم اليوم، وبالتالي هذا لا يشجّع المستثمرين لكي يضخوا بأموالهم في مشاريع جديدة في العراق”.
وتابع قائلاً إن “شركات الهاتف المحمول والتحويلات المالية والصرافة ومكاتب السياحة، من بين أكثر القطاعات الاقتصادية الخاصة تضرراً، لكونها تعتمد أساساً على الإنترنت، وفي حال توقفه فإنها تغلق أبوابها”.
وقطعت الحكومة العراقية شبكة الإنترنت بعد اندلاع الاحتجاجات التي عمّت عدة محافظات، فضلاً عن العاصمة بغداد، وشهدت مقتل أكثر من 100 شخص وإصابة ما يزيد على 6 آلاف، نتيجة استخدام القوات الأمنية العنف المفرط.
وأعادت الحكومة الإنترنت الثلاثاء 8 أكتوبر/ تشرين الأول، لساعات قبل أن تعيد الحظر عليه مرة أخرى، ثم أعادته صباح أول من أمس، لعدة ساعات أيضاً. ونشرت وزارة الاتصالات بياناً اليوم قالت فيه إن الانترنت سيعمل في العراق من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الساعة الثالثة مساءً يومياً.
وأضاف البيان الصادر أول من أمس: “يعمل الإنترنت في أيام الدوام الرسمي لتيسير العمل في الدوائر الحكومية، مع استمرار الحظر على مواقع التواصل الاجتماعي كافة”.
وعلى مدى سبعة أيام واصلت مكاتب السياحة والسفر تقديم اعتذاراتها لعملائها، الذين تكبد بعضهم خسائر كبيرة نتيجة عدم تمكنهم من السفر.
وقال علي السعيدي، الذي يدير شركة سياحية، إن مكاتبهم كانت تفتح أبوابها في الأيام الماضية دون عمل أو موظفين، مبيناً أن “أصحاب شركات السفر أعطوا موظفيهم إجازة حتى عودة الإنترنت، وما لا تدركه الحكومة، أن الوضع كارثي بالنسبة إلينا، فخسارة الشركة السياحية الواحدة في اليوم بسبب انقطاع الإنترنت تصل إلى خمسة آلاف دولار”.
وذكر أنه فضلاً عن الخسائر المالية، هناك ضرر إنساني وصحي لحق بالعديد من المرضى الذين لديهم حجوزات لإجراء عمليات جراحية خارج البلد، وبمن لديهم مواعيد والتزامات وأعمال تتطلب سفرهم، مبيناً أنه “بتوقف الإنترنت، لا يمكن استرجاع تذاكر سفرهم، وبعضهم اضطروا للسفر إلى إقليم كردستان والحجز مرة أخرى، ما أدى إلى تحملهم تكاليف مضاعفة، فضلاً عن مشقة الطريق”.
ولم يُشمَل إقليم كردستان المكوّن من ثلاث محافظات: السليمانية وأربيل ودهوك، بقطع الإنترنت، ولم يشهد أيضاً احتجاجات.
بدوره، يؤكد علي إبراهيم، الذي يملك مكتباً للصرافة والتحويلات المالية، أن عمله تراجع بنسبة 98%، مبيناً أن “جميع التعاملات المالية تعتمد على الإنترنت”.
وقال إن تعاملات مكاتب الصيرفة والحوالات تراوح بين 200 ألف ومليون دولار في اليوم الواحد، لكنها مع توقف الإنترنت أصبحت شبه متوقفة، وهناك عمليات بسيطة تُجرى يدوياً، مشيراً إلى أن رواتب المتقاعدين التي تصرف من خلال البنك المركزي توزع من طريق مكاتب الحوالات والصيرفة بواسطة البطاقات الإلكترونية، وبالتالي توجب على المتقاعدين الانتظار.