رئيس هيأة النزاهة: القبض على 54 مداناً هارباً إلى الخارج
كشف رئيس هيأة النزاهة نيابة مظهر تركي عبد عن إلقاء القبض على 54 مداناً هارباً خارج العراق ،فيما أشار إلى عقبات عدة تعيق استرداد المدانين بقضايا فساد والأصول المهربة.
وقال عبد إن “المعوقات التي تعترض استرداد الأموال تتمثل بالسرية المصرفية ،وعدم الكشف عن الحسابات الخاصة بالمتهمين ،ورفض الدول الحاضنة للأموال المهربة إجراء التحري عنها، إضافة إلى عدم وجود اتفاقياتٍ ثنائيَّةٍ حديثةٍ لاسترداد الأموال مع أغلب الدول”، مُؤكداً “ضرورة مطالبة الدول بتنفيذ بنود الاتفاقيات الدوليَّة التي تسمح بالاطلاع على الحسابات المصرفية للمدانين بجرائم فسادٍ، والتعاقد مع شركاتٍ للتحري والاستشارات القانونية؛ والبحث والتثبت من الأموال المُهرَّبة في الدول الحاضنة لها ،التي ترفض التعاون في هذا المجال، فضلاً عن الشروع بإبرام اتفاقيات ومذكرات تفاهمٍ مع الدول التي لا تُوجَدُ معها اتفاقياتٍ لاسترداد الأموال”.
معوقات داخلية
وأشار رئيس هيأة النزاهة إلى “وجود مُعوِّقاتٍ داخليَّةٍ تقف في طريق استرداد الأموال المهربة ،يأتي في مقدمتها قدم التشريعات النافذة، وعدم تحديد قيمة الضرر في المال العام من الجهة المُتضرِّرة، إضافة إلى خلو الكثير من القرارات القضائيَّـة من فقرةٍ حكميَّةٍ تتعلق بالأموال التي تمَّ هدرها أو اختلاسها، وعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة خلال فترة اكتشاف الجريمة والتحقيق؛ لمنع تهريب الأموال”، مُوضحاً أن “بالإمكان معالجة ذلك من خلال تعديل القوانين ذات العلاقة بالجرائم المتعلقة بالأموال المُهرَّبة، وتحديد قيمة الضرر بالمال العام قبل الشروع بإحالة التحقيقات الإدارية إلى الهيأة، فضلاً عن تضمين القرارات القضائية الخاصَّة بهدر المال العام أو اختلاسها فقرة حكمية تتعلق بقيمة المال وقرار حجزه واسترداده، وطلب الحجز الاحتياطي من الممثل القانوني للجهة المعنية فور الشروع بالتحقيقات الإدارية، وتحديد وقت معين للتحقيقات التي تجريها الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارةٍ؛ للكشف السريع عن الجريمة، ومنع تبديد الأموال وإنفاقها وتحويلها”.
إعادة الهاربين
وأكد عبد أن “الهيأة تعمل على ملاحقة المدانين الهاربين خارج العراق، من خلال دائرة الاسترداد بالتعاون والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة على محاصرة الهاربين، وعدم توفير ملاذٍ آمنٍ لهم”، مشيراً إلى أنه “تمَّ إلقاء القبض على (54) مداناً واسترداد (8) منهم، ومن ضمنهم وزير ومن بدرجته.
وأوضح أن “التعاون في مجال استرداد الأموال والمدانين يختلف من دولةٍ الى أخرى”، مبيناً أن” تبادل المصالح والمعاملة بالمثل ومواءمة القوانين الوطنية مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد تؤدي دوراً مُهمّاً في التعاون الدولي في هذا المجال.
ولفت رئيس هيأة النزاهة إلى أن “عدم استثمار العلاقات الدولية الثنائية، وازدواجية الجنسيَّة، يُعَدَّان من أبرز المُعوِّقات التي تحول دون استرداد المدانين والمحكومين، فضلاً عن اختلاف الأنظمة القانونيَّة بين العراق والدول التي يقيم فيها المدانون”، مبيناً أن “معالجة تلك المعوقات تتم عبر تزويد الوفود العراقية عالية المستوى بقائمة المدانين ،مقرونة بالملفات التي نظمت من الهيئة وفق المعايير الدولية؛ لغرض طرحها للنقاش عند التفاوض مع الدول وفقاً للمصالح المشتركة، مع إشراك هيأة النزاهة في تلك الوفود؛ لغرض تقديم طلبات الاسترداد والاشتراك في المناقشات، وضرورة الإسراع بتشريع قانون التخلي عن الجنسية الأجنبيَّة لمن يتولى منصباً سيادياً أو أمنياً رفيعاً؛ تنفيذاً لمتطلبات المادة 18/ رابعاً من الدستور، فضلاً عن عقد مذكرات تفاهمٍ مع الدول التي يقيم فيها المُتَّهمون بما يضمن تجاوز عقبة اختلاف الأنظمة القانونية وتسليم المدانين والمتهمين الهاربين، وبالخصوص الذين صدرت بحقهم نشرات دولية حمراء أو إذاعة بحث.
أوامر الاستقدام
وأضاف عبد أن “مجموع أوامر القبض والاستقدام التي أعلنت عنها الهيأة خلال العام 2019 الصادرة بحق عدد من المسؤولين بلغ (226) أمراً، نُفِّذَ (176) منها ، مبيناً أن”الهيأة تقوم بمتابعةٍ حثيثةٍ لأوامر القبض الصادرة عن القضاء؛ نتيجة تحقيقاتها ،التي تقع مسؤولية تنفيذها على عاتق جهات إنفاذ القانون وهي وزارة الداخلية”.
وتابع أن “الدوائر القانونية في المؤسسات التي ينتسب إليها الموظف تتولى مسؤولية تنفيذ أوامر الاستقدام”، مشير إلى “التنسيق والتعاون المشترك بين الهيأة وأجهزة الدولة الأمنية المختلفة من خلال حضور المنسقين والممثلين القانونيين بصورةٍ دوريةٍ لمتابعة ملفات الفساد وتبادل المعلومات وتنفيذ مذكرات القبض وتحديد مواقع المتهمين الهاربين”.
عقود الكهرباء
ونوه رئيس الهيأة إلى أن “مشاركة هيأة النزاهة في لجنة التحقيق المؤلفة لمراجعة عقود الكهرباء كونها الجهة المُختصَّة بالتحرّي والتحقيق وفق الصلاحيات التي منحها قانونها النافذ وبما يتوفر لديها من إخبارات وقضايا وقاعدة معلومات وما تفرزه نتائج التحري اللاحقة”، لافتاً إلى “قيام الهيأة بتأليف فريق عملٍ ميدانيٍّ ساندٍ لأعمال اللجنة مؤلف من محققين ومدققين من خيرة كفاءاتها في بغداد والمحافظات لمتابعة هذا الملف”.
مكاتب المفتشين
أما تأثير قرار إلغاء مكاتب المُفتّشين العموميّين على عمل هيأة النزاهة، فذكر عبيد أن “الهيأة سبق وأن حذرت من دعوات البعض إلى ثلم المنظومة الرقابيَّة ووقفت بالضدّ من قرار إلغاء تلك المكاتب ،كونها تمثل رقابة ملامسة لعمل الوزارات ،والجهات غير المرتبطة بوزارة”، موضحاً أن “ذلك الإجراء سيخلُّ بالتزامات العراق الدوليَّة، ولا سيما متطلبات اتفاقية الأمم المُتَّحدة لمكافحة الفساد التي تُشدِّدُ على أهميَّة تأليف منظومةٍ وطنيَّةٍ لمكافحة الفساد، التي استجاب لها العراق من خلال تأسيس هيأة النزاهة ،ومكاتب المُفتشين العموميّين وديوان الرقابة الماليَّة، ومن الطبيعي أن يتأثر عمل هذه المنظومة بشكل عام في فقدان أحدى حلقاتها وأذرعها المهمة في مكافحة الفساد”.
وأشار إلى “وجود تنسيق عالٍ بين لجنة النزاهة النيابية وبين الهيأة، وصورة هذا التنسيق تكمن في إحالة المواضيع التي ترد إلى اللجنة النيابية إلى الهيأة؛ لغرض إجراء اللازم بصددها بحسب السياقات”، مؤكداً أن “لجنة النزاهة النيابية دعمت الهيأة من خلال تمرير قانونها وقانون الكسب غير المشروع.
ونفى عبد “الأنباء التي تتحدث عن قدوم (21) محققاً دولياً؛ لتولي التحقيق في قضايا فسادٍ كبرى” ، مشيراً إلى “وجود تعاونٍ سابقٍ للهيأة مع فريقٍ من المحققين الدوليّين انحصرت جوانبه بتبادل الخبرات والتدريب والاطلاع على التجارب الناجحة في ميدان استرداد المدانين والأموال المهربة”. مصدر: واع